(جان باتيست غرنوي)
وُلد غرنوي في أكثر أماكن المملكة بأسرها زحماً بالروائح الكريهه، المشبعه بالعرق و البول الخشب المتفسخ و روث الجرذان، ولد جان باتيست غرنوي في السابع من تموز/يوليو 1738م. في شارع ((اوفيير)) أمام عربة السمك، كابن غير شرعي، لأم اعتادت أن تقتل أبناءها أمام ذات العربة، الأمر الذي رفضه غرنوي بصراخه وبكائه بين قشور الاسماء، مما أدى الى جزّ رقبة أمه بعد ان اكتشفتها السلطة و اعترفت بجرائمها، و انتقاله بذلك إلى المرضعات اللائي رفضن إرضاعه، لأنه ((جشع، يرضع عن اثنين)) الأمر الذي حدا بمرضعته الرابعة أن ترسله إلى الأب تيرير مبررة رفضها بإرضاعه بـ ((إبن الحرام هذا، ليست له أية رائحة على الاطلاق))!! الأمر الذي حمل الأب تيرير أن ينقل غرنوي إلى مدام غايار، المرأة المسخ، التي تلقت ضربه من والدها على أنفها فما عادت تشم شيئاً بل لم يكن لديها أية عاطفة، التي احتملته حتى أتم ستة سنوات، و التي ارسلته إلى العمل عند الدبّاغ غريمال، متخلصة منه، لأنه كان يعلم كل شيء، و اي شيء مهما حاولت اخافاؤه عنها، و لم تكن تعلم أنه له أنفاً قد حفظ آلاف الروائح، و يستدل على الامكنه لا بعينيه بل بأنفه الحساس الفريد..!
غرنوي، الذي اختزن في روحه آلاف الروائح و اسمائها، كان واثقا من نفسه أنه سوف يعمل لدى أفضل عطار في باريس (بالديني)، الذي أدركته الشيخوخة و قضت على حاسة الشم لديه، و كاد أن يُفلس لولا أن أنقذه غرنوي، بأن ابتكر له مئات العطور، و راج سوقه خارج باريس، و الذي سمح لغرنوي ان يغادره بعد أن احتفظ بستمائة نوع من العطور..!
يقرر غرنوي، ان يبتعد عن الناس، فاختار كهفاً عاش فيه سنواتٍ سبع، وكان قانعاً بهذه الحياة المليئة بالروائح التي سكنها و سكنته، -خاصة رائحة فتاة كان قد اشتم رائحتها عن بعد مئات الأمتار، و حين رآها قرر ان يمتلك هذه الرائحه فقام بقتلها و اكتفى بأن استنشق كل شبر فيها..!
لقد أدرك غرنوي –ملك الروائح، أنه لا يمتلك رائحة خاصة به، و قد حلم أيضا بحلم أرعد فرائصه، فحمله أن يعود إلى عالم البشر، مرة أخرى، و هنا يقرر بأن يمتلك أجمل رائحة في هذا الكون لتكون رائحته، فعمل لدى مدام آرنولوفي و زوجها –لاحقاً- دروو، التي تصنع العطور، و الذي سكن كوخاً تمتلكه، كان يعمل بجد عندها تعلم كيفية استخلاص العطور من النباتات و كان يكتفي بأجره الزهيد مقابل تعلمه، كل هذا كي يستطيع الوصول الى طريقة استخلاص روائح البشر..!
و هكذا بدأت أجمل الفتيات بالاختفاء، يقتلن بضربة على الرأس.. يجزّ الشعر.. و تمزق الملابس، دون أن يمسسن جسدياً..! الامر الذي خلق بلبلة، يكتشف امر غرنوي عندما قتل الفتاة الخامسة و العشرين، و عند اعدامه، يضع قطرة واحدة من العطر الذي استخلصه من أجسادهن.. مما جعل الجميع لا يصدق انه هو القاتل..! و يصاب الجميع بحالة شبق جنسي، و يخلى سبيله..! غرنوي يعود إلى باريس يتمزق فيها إلى ثلاثين قسماً حين يضع قطرة واحدة على نفسه من العطر امام مجموعة من الناس، الذي يتهافتون عليه، كل يريد جزء